دور القوى العالمية في توجيه الصراعات في العالم العربي: بين دعم الجماعات المسلحة وصناعة الفوضى

دور القوى العالمية في توجيه الصراعات في العالم العربي: بين دعم الجماعات المسلحة وصناعة الفوضى

بقلم الفقير .نادى عاطف

 

شهد العالم العربي خلال العقود الأخيرة اضطرابات وصراعات سياسية أدت إلى تغييرات جذرية في الأنظمة والمجتمعات. في هذا السياق، تُثار تساؤلات حول دور القوى العالمية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، في توجيه هذه الصراعات ودعم جماعات مسلحة، بهدف تحقيق مصالحها الاستراتيجية.

 

الإرهاب كأداة للسيطرة

 

منذ الحرب الباردة، استخدمت القوى الكبرى الإرهاب كأداة لتحقيق أهدافها. أبرز مثال على ذلك هو دعم الولايات المتحدة للجماعات المسلحة في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات. كان تأسيس تنظيم القاعدة نتيجة لهذه السياسات، حيث جرى استخدام الدين كوسيلة لحشد المقاتلين وصناعة ما يُعرف بـ”الإسلام السياسي المقلوب”، الذي يركز على الجهاد المسلح بدلًا من الإصلاح السلمي.

 

استبدال النفوذ الإيراني بتهديدات أخرى

 

في السنوات الأخيرة، يُلاحظ تحول في سياسات القوى الغربية تجاه النفوذ الإيراني في المنطقة. يُعتقد أن هذه القوى تعمل على خلق توازن قوى جديد عبر دعم جماعات سنية مسلحة كبديل عن الهيمنة الإيرانية. هذه الجماعات تشمل تنظيمات مثل القاعدة وحركات الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين، التي تلعب دورًا محوريًا في بعض الدول العربية.

 

الفوضى الخلاقة وتكرار نموذج سوريا

 

من المفترض أن القوى الغربية تعمل على تطبيق نموذج “الفوضى الخلاقة” في الدول العربية، وهو ما يعني تفكيك الدول المركزية وإضعاف الحكومات لصالح انتشار الميليشيات والجماعات المسلحة. المثال الأبرز على ذلك هو سوريا، التي أصبحت مسرحًا لصراع إقليمي ودولي معقد. يُعتقد أن دعم جماعات المعارضة المسلحة، بما فيها التيارات المتطرفة، جاء لتحقيق أهداف استراتيجية، مثل الحد من النفوذ الإيراني والروسي.

 

دعم الإخوان والتنظيمات التكفيرية

 

لطالما كانت جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات أخرى في قلب السياسات الغربية في الشرق الأوسط. الدعم الذي تلقته هذه الجماعات في بعض الدول يُنظر إليه كجزء من استراتيجية طويلة الأمد لإضعاف الدول القومية وتعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية.

 

نتائج هذه السياسات

 

1. انتشار الفوضى: أصبحت دول مثل ليبيا وسوريا واليمن أمثلة حية على تداعيات التدخلات الخارجية.

 

2. إضعاف الدول المركزية: أدى دعم الجماعات المسلحة إلى انهيار الدولة كمؤسسة وحلول الميليشيات مكانها.

 

3. ازدياد موجات التطرف: السياسات الغربية ساهمت في تعزيز الفكر التكفيري، مما أدى إلى تصاعد الإرهاب في مختلف أنحاء العالم.

 

تُظهر هذه الأحداث أن السياسات الدولية غالبًا ما تهدف إلى تحقيق مصالح القوى الكبرى دون اعتبار لاستقرار الشعوب أو أمن الدول. استخدام الجماعات المسلحة كأداة لتحقيق الأهداف السياسية والاستراتيجية ليس جديدًا، لكنه أصبح أكثر وضوحًا في السياق العربي خلال العقود الأخيرة. الحل يكمن في تعزيز الوحدة الوطنية، وتقوية الدول، والعمل على إنهاء التدخلات الخارجية التي تُغذي الصراعات بدلًا من حلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *