مع تسارع الأحداث والتغيرات الجذرية التي شهدتها الساحة السياسية السورية، يُبرز سقوط نظام بشار الأسد العديد من الدروس والعِبر التي يجب أن تُدرَك بعمقٍ من قِبَل الشعوب والحكومات على حدٍّ سواء.
الشعب هو صمّام الأمان للدول
إن أهم درس يمكن استخلاصه من هذا السقوط هو أن الشعب يُشكِّل صمّام الأمان الحقيقي لأي دولة. فالمشروعية الحقيقية لأي نظام سياسي تأتي من دعم الشعب وثقته، وليس من الأجهزة الأمنية أو التحالفات الدولية. عندما يثور الشعب مطالبًا بالحرية والعدالة والكرامة، فإنه يُظهِر قوة هائلة تستطيع أن تُغيِّر المعادلات، مهما بدت هذه الأخيرة ثابتة.
إن تجاهل الحكومات لصوت الشعب أو قمعها له يُؤدي إلى فقدانها لمصداقيتها، ما يجعلها عُرضةً للسقوط مهما بدت قوية. ومن هنا، يجب على الأنظمة أن تُدرك أن الاستجابة لمطالب الشعوب وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية هي السبيل الوحيد لضمان استقرار الدول.
لا تستهين بالعدو مهما كان صغيرًا
الدرس الثاني الذي يمكن استخلاصه هو عدم الاستهانة بالعدو، مهما بدا صغيرًا أو ضعيفًا. فقد أثبتت الأحداث أن الخصوم، سواء كانوا أفرادًا أو حركات صغيرة، يمكنهم أن يُصبحوا قوة مؤثرة إذا توفرت لديهم الرؤية والتنظيم والإرادة. الاستهانة بالعدو تُعَدّ خطأ استراتيجيًا يُؤدي إلى عواقب وخيمة، حيث أن التقليل من قدراته قد يمنحه فرصة للتحرك بفاعلية أكبر.
لقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الحركات الصغيرة التي بدأت بمطالب متواضعة، استطاعت في النهاية أن تُغيِّر وجه التاريخ بفضل تصميمها وإصرارها على تحقيق أهدافها.
الخاتمة
إن سقوط بشار الأسد يُقدِّم دروسًا لا تُقدَّر بثمن لكل من الحكومات والشعوب. احترام إرادة الشعب والعمل على تحقيق طموحاته هو السبيل الأمثل لبناء دول مستقرة وقوية. وفي الوقت ذاته، يجب أن تكون هناك دائمًا يقظة تجاه التحديات والتهديدات مهما كانت صغيرة، لأن الإهمال أو التقليل منها قد يكون بداية النهاية. الدروس المستفادة من هذه التجربة يجب أن تُحفَر في الذاكرة السياسية للأجيال القادمة كإرثٍ يُسهم في بناء مستقبل أفضل.